تأريخ‌ الموسيقي‌ في‌ ايران‌

الف‌ : الموسيقي‌' في‌ ايران‌ القديمة‌
نحن‌ لا نمتلك‌ معلومات‌ كافية‌ عن‌ الموسيقي‌' و تاريخها في‌ ايران‌ خلال‌ العصور الغابرة‌ ، و لحين‌ السلالة‌ الهخامنشية‌ و الاشكانية‌ ، و بقيت‌ هذه‌ الحقبة‌ من‌ الزمنة‌ مبهمة‌ و غير واضحة‌ المعالم‌ لنا ، نعم‌ هناك‌ بعض‌ المعلومات‌ حول‌ هذا الموضوع‌ حصلنا عليها عن‌ طريق‌ المؤرخين‌ اليونانيين‌ و ما حكته‌ القصص‌ و المقولات‌ و الحكايات‌ التي‌ وردت‌ في‌ القصائد الشعرية‌ خصوصا" في‌ ديوان‌ (الشعر و ملاحم‌ الفرس‌ )، أوما تسمي‌' " الشاهنامه‌ " للشاعر الايراني‌ الكبير فردوسي‌ ، و الكتب‌ الدينية‌ القديمة‌ حيث‌ اشارت‌ الي‌' أمور مختصرة‌ في‌ الا´لات‌ الموسيقية‌ ، و ما سقط‌ في‌ ايدينا من‌ نتائج‌ الابحاث‌ و التنقيبات‌ العلمية‌ .كان‌ في‌ العهود القديمة‌ و زمن‌ الدولة‌ الهخامنشية‌ مجموعتان‌ من‌ الا´لات‌ الموسيقية‌ البعض‌ منها قد استخدم‌ في‌ اثناء الحروب‌ و البعض‌ الا´خر في‌ مجالس‌ الانس‌ و الطرب‌ .
ان‌ الا´لات‌ الموسيقية‌ التي‌ كانت‌ تستخدم‌ في‌ الحروب‌ كانت‌ عبارة‌ عن‌ : البوق‌ ، الصنج‌ ، جرس‌ كبير ، طبل‌ كبير ، و المزمار . و تسمّي‌' الالحان‌ و الايقاعات‌ التي‌ تبعث‌ النشاط‌ و الحركة‌ و هيجان‌ الجيش‌ و الجنود بالالحان‌ و الاناشيد الحربية‌ (العسكرية‌ ) و يمكننا العثور علي‌' هكذا نماذج‌ من‌ الالحان‌ و الايقاعات‌ في‌ ديوان‌ الشعر و ملاحم‌ الفرس‌ (الشاهنامه‌ ) لفردوسي‌ و يعتقد المستشرق‌ الدانماركي‌ الكبير (أرثو كريستيان‌ سان‌) مؤلف‌ كتاب‌ " ايران‌ في‌ العهد الساساني‌ " أن‌ الموسيقي‌' الايرانية‌ قد وضعت‌ أسسها في‌ الفترة‌ و العهد الساساني‌ ، و نحن‌ و من‌ خلال‌ الاستقراء في‌ نقوش‌ و آثار (طاق‌ بستان‌ ) نستنتج‌ أن‌ افضل‌ آلة‌ موسيقية‌ في‌ العهد الساساني‌ و اكثرها انتشاراً و استعمالا" هي‌ آلة‌ الربابة‌ ، ويعزي‌ الثعالبي‌ المؤرخ‌ اختراع‌ و ابتكار "الخسروانيات‌ " و هي‌ مجموعة‌ من‌ الالحان‌ الي‌' " باربد " ، و اما ادوارد براون‌ فيري‌' أن‌ باربد أنشأ 360 قصة‌ لغرض‌ عرضها في‌ مجالس‌ طرب‌ الملك‌ پرويز . و يعدد الشاعر نظامي‌ في‌ قصيدة‌ خسرو شيرين‌ 30 لحناً ينسبها الي‌' الملحن‌ باربد ، فقد قام‌ بتأليف‌ هذه‌ الالحان‌ و قدمها للملك‌ خسرو پرويز .
و قبل‌ قرون‌ عديدة‌ ، بل‌ قبل‌ آلاف‌ السنين‌ قبل‌ الميلاد سكن‌ ايران‌ أناس‌ محليون‌ كانت‌ لهم‌ حضارة‌ راقية‌حيث‌ بنوا مدنا" كبيرة‌ ، لايزال‌ بعضها شاخصا" لحدالا´ن‌ ، ولكن‌ الحدث‌ المهم‌ الذي‌ حدث‌ قبل‌ عشرين‌ قرنا" قبل‌ الميلاد في‌ هذه‌ الارض‌ غيرّ كل‌ شي‌ء و قلب‌ الامور ، فقد حدث‌ أن‌ جاء الا´ريون‌ الي‌' بلاد ايران‌ ، و بذلوا جهودا" حثيثة‌ لازالة‌ جيمع‌ الموانع‌ الطبيعية‌ و المرتفعات‌ التي‌ تفصلهم‌ عن‌ باقي‌ البلدان‌ ، ولكن‌ الطبيعة‌ (طبيعة‌ ايران‌ الجميلة‌ ) انتصرت‌ عليهم‌ و جذبهم‌ جمالها الساحر . و كانت‌ أفضل‌ وسيلة‌ تسلية‌ عند الايرانيين‌ القدماء هي‌ انشاء الغناء و الايقاعات‌ الموسيقية‌ و اداء التمثيل‌ المسرحي‌ علي‌' الهواء الطلق‌ .
في‌ زمن‌ حروبهم‌ ،كانت‌ تلعب‌ الطبول‌ و الابواق‌ و الاصوات‌ العالية‌ دورا" فعالا" في‌ سبيل‌ حثّ و تحريك‌ الجيش‌ و الشعب‌ لاجل‌ الدفاع‌ عن‌ وطنهم‌ وصدّ أعدائهم‌ ، و هكذا تطورت‌ الا´لات‌ الموسيقية‌ و ألحانها خصوصا" بعد هجوم‌ الاسكندر علي‌' ايران‌ و حتي‌' العهد الساساني‌ ما خلا فترات‌ قليلة‌ في‌ أواخر العهد الساساني‌ حيث‌ انتشر مذهب‌ المانوية‌ ، و كانوا يميلون‌ الي‌' الرسم‌ و النقش‌ و الالحان‌ الجميلة‌ و قد اشتهر في‌ هذه‌ الفترة‌ الملحنين‌ " سركش‌ و باربد "، و قد أقام‌ باربد حفلا" موسيقيا" بهيجا" في‌ بلاط‌ الملك‌ تيسفون‌ ، بدأها بثلاثة‌ قطع‌ موسيقية‌ من‌ ألحانه‌ حيث‌ نالت‌ اعجاب‌ الحاضرين‌ ، و قد كانت‌ الالحان‌ و الايقاعات‌ مؤثرة‌ و جملية‌ .
يعتبر العهد الساساني‌ من‌ اكثر العهود التاريخية‌ الايرانية‌ اشراقا" ، حيث‌ تقدمت‌ الموسيقي‌' و الفنون‌ الا´خري‌' لا سيما في‌ عهد الملك‌ الساساني‌ خسرو پرويز ، و حظيت‌ الموسيقي‌' بالاهتمام‌ الخاص‌ من‌ قبل‌ الملك‌ بهرام‌ گور ، و غيرها من‌ الفنون‌ ، و ان‌ التقدم‌ الذي‌ حصل‌ في‌ صناعة‌ الالحان‌ الموسيقية‌ و الضرب‌ علي‌' الا´لات‌ الموسيقية‌ و التمثيل‌ المسرحي‌ الحي‌ بلغ‌ درجة‌ كما يقول‌ نظامي‌ الشاعر أن‌ قام‌ الملك‌ بهرام‌ گور بدعوة‌ مجموعة‌ من‌ الملحنين‌ و العازفين‌ و الممثلين‌ من‌ الهند الي‌' ايران‌ للاستفادة‌ منهم‌ في‌ هذا المجال‌ . كانت‌ منطقة‌ الحيرة‌ في‌ العراق‌ ـ منطقة‌ بين‌ النهرين‌ ـ تتمتع‌ قبل‌ ظهور الدين‌ الاسلامي‌ الحنيف‌ بشهرة‌ واسعة‌ و ثقافة‌ عالية‌ و ان‌ الملك‌ بهرام‌ گور نفسه‌ قد تعلم‌ فن‌ الموسيقي‌' في‌ هذه‌ المدينة‌ باعتبارها كانت‌ مركزا" لتلاقح‌ و لقاء الحضارات‌ التي‌ كانت‌ معروفة‌ في‌ ذلك‌ الزمان‌ . و قد استفادت‌ الثقافة‌ و الموسيقي‌' العربية‌ بشكل‌ كبير من‌ هذه‌ المدينة‌ العريقة‌ باعتبارها ملتقي‌' الثقافات‌ و الحضارات‌ و العلوم‌ .


ب‌ ـ الموسيقي‌' في‌ ايران‌ بعد الاسلام‌
كانت‌ الموسيقي‌' في‌ ايران‌ متقدمة‌ جدا" و هذا الامر يعترف‌ به‌ القريب‌ و البعيد لا سيما مع‌ وجود اساتذة‌ و متخصصين‌ في‌ هذا الفن‌ في‌ ذلك‌ الزمان‌ و لهم‌ مكانتهم‌ الفنية‌ و الاجتماعية‌ ، و ان‌ الموسيقي‌' كانت‌ تستند علي‌' أسس‌ علمية‌ و يعامل‌ العازفون‌ و المطربون‌ ضمن‌ مجموعة‌ الاشراف‌ و النبلاء و ينقل‌ المسعودي‌ في‌ تاريخه‌ ان‌ الملك‌ اردشير قام‌ بتقسيم‌ رجال‌ حكومته‌ الي‌' سبعة‌ مجاميع‌ و جعل‌ المغنين‌ و العازفين‌ بعد المجموعة‌ الخاصة‌ بامراء الجيش‌ و حراس‌ الحدود .
ان‌ تقدم‌ اي‌ فن‌ من‌ الفنون‌ ـ و كما هو معلوم‌ ـ مرهون‌ بتوفير و تهيئة‌ مستلزماته‌ و وسائله‌ و ادواته‌ الخاصة‌ به‌ وان‌ توفير و تهيئة‌ الا´لات‌ الموسيقية‌ المتنوعة‌ خلال‌ العهد الساساني‌ دليل‌ علي‌' التكامل‌ و الاهتمام‌ بهذا النوع‌ من‌ الفنون‌ عملا" .
و قد عد المسعودي‌ ، العود ،و الناي‌ ، و الطنبور ،و المزمار ،و الربابة‌ من‌ الا´لات‌ الموسيقية‌ الخاصة‌ بالعهد الساساني‌ .
و بعد الفتح‌ الاسلامي‌ و دخول‌ ايران‌ في‌ دائرة‌ الاسلام‌ و اتساع‌ رقعة‌ الاسلام‌ في‌ المنطقة‌ ، تأثر المسلمون‌ العرب‌ بالحضارة‌ و الثقافة‌ الايرانية‌ تأثرا" بالغا" بما في‌ ذلك‌ ، الموسيقي‌' .اذ نفذت‌ الموسيقي‌' الايرانية‌ و تداخلت‌ مع‌ الموسيقي‌' العربية‌ .
و بقي‌ هذا الامتزاج‌ و التداخل‌ حتي‌' انقراض‌ الخلافة‌ العباسية‌ عام‌ (656 هـ .ق‌ ) و قد استمر أثر هذا الامتزاج‌ و التأثر حتي‌' بعد انقراض‌ الخلافة‌ العباسية‌ .
ان‌ تردد اعراب‌ البادية‌ في‌ المناطق‌ الخاضعة‌ للدولة‌ الساسانية‌ قد ترك‌ أثره‌ علي‌' هؤلاء . اذ كانوا يسمعون‌ الالحان‌ و الايقاعات‌ الايرانية‌ في‌ كل‌ مكان‌ يمرون‌ به‌ و يتأثرون‌ بهذه‌ الموسيقي‌' و الالحان‌ و ينقلون‌ تصوراتهم‌ و انطباعاتهم‌ الي‌' أقوامهم‌ .و ينقل‌ لنا عرب‌ البادية‌ ان‌ الشاعر العربي‌ المعروف‌ امرؤ القيس‌ و الذي‌ عاش‌ في‌ زمن‌ الجاهلية‌ و صاحب‌ احدي‌ المعلّقات‌ السبع‌ المشهورة‌ قد دخل‌ بلاط‌ الملك‌ الايراني‌ خسرو أنوشيروان‌ و رأي‌' ما رأي‌' و نقل‌ الالحان‌ و الا´لات‌ الموسيقية‌ الايرانية‌ الي‌' الجزيرة‌ العربية‌ كالناي‌' و البربط‌ و العود ، و الربابة‌ و الطنبور والكمنجة‌ و الكمان‌ ،و بعد دخول‌ الاسلام‌ الي‌' بلاد فارس‌ خلال‌ القرون‌ الاول‌ الهجري‌ و انتشاره‌ بواسطة‌ المسلمين‌ انتشرت‌ معه‌ الالا´ت‌ الموسيقية‌ الايرانية‌ شيئا" فشيئاً في‌ كل‌ مكان‌ . و بعد قوة‌ شوكة‌ الاسلام‌ في‌ ايران‌ دخل‌ العود الفارسي‌ (آلة‌ الضرب‌ المعروفة‌ ) الي‌' الجزيرة‌ العربية‌ ، و كان‌ العود علي‌' نوعين‌ : قسم‌ منه‌ يعزف‌ بقصبة‌ واحدة‌ و قسم‌ثانٍ يعزف‌ به‌ بواسطة‌ قصبتين‌ .
يقول‌ رئيس‌ لجنة‌ المطالعات‌ و الدراسات‌ التاريخية‌ للموسيقي‌' العربية‌ الاسلامية‌ الدكتور هنري‌ فارمر : مما لا شك‌ فيه‌ ان‌ التاثير الذي‌ تركته‌ الثقافة‌ الموسيقية‌ الايرانية‌ علي‌' الثقافة‌ الموسيقية‌ اليونانية‌ اكثر مما تركته‌ الثقافة‌ الموسيقية‌ اليونانية‌ علي‌' الايرانية‌ ففي‌ الوقت‌ الذي‌ كانت‌ في‌ ايران‌ أنواع‌ عديدة‌ من‌ آلة‌ الربابة‌ (الا´لة‌ الموسيقية‌ المعروفة‌ )لم‌ يكن‌ يوجد في‌ اليونان‌ من‌ هذه‌ الا´لات‌ الاّ البربط‌ ، و اما القيثار فقد اقتبسه‌ اليونانيون‌ من‌ جيرانهم‌ الشرقيين‌ .
بعد غلبة‌ الدين‌ الاسلامي‌ المبين‌ و انتشار الموالي‌ في‌ منطقة‌ المدينة‌ المنورة‌ الذين‌ أتوها من‌ بلاد فارس‌ و الرومان‌ و استقروا في‌ هذه‌ المنطقة‌ اشتهر بعض‌ منهم‌ بالغناء و التلحين‌ و كانوا يضربون‌ علي‌' بعض‌ الا´لات‌ الموسيقية‌ كالعود و الطنبور و الارغون‌ و المزمار ، حيث‌ كان‌ يستمع‌ العرب‌ الموجودون‌ حولهم‌ لهذه‌ الالحان‌ و الموسيقي‌' التي‌ يقوم‌ هؤلاء الموالي‌ بأدائها و قد تأثر بعضهم‌ بهذه‌ الالحان‌ و أدخلوها علي‌' الشعر العربي‌ . من‌ جانب‌ آخر يذهب‌ الدكتور هنري‌ فارمر الي‌' أن‌ أصل‌ الموسيقي‌' الايرانية‌ و العربية‌ أخذت‌ من‌ الساميين‌ و قد تركت‌ أثرها علي‌' اليونان‌ ، و يؤكد أن‌ معلوماتنا الحاضرة‌ تشير الي‌' ان‌ العرب‌ قد بدأوا خطواتهم‌ الاولي‌' في‌ هذا المجال‌ من‌ زمن‌ الفيلسوف‌ الفارابي‌ .
كما و يعتقد البروفسور كريستيان‌ سان‌ أن‌ موسيقي‌' العهد الساساني‌ قد تركت‌ أثرها علي‌' موسيقي‌' العهد الاسلامي‌ حيث‌ تأثر المسلمون‌ بهذه‌ الالحان‌ و استفادوا من‌ هذه‌ الا´لات‌ الموسيقية‌ و الاصطلاحات‌ الخاصة‌ بهذا النوع‌ من‌ الفن‌ .
و يذكر صاحب‌ كتاب‌ " تاريخ‌ الحكماء " المسمّي‌' بنزهة‌ الارواح‌ : اهتم‌ الايرانيون‌ بالمعارف‌ و الحكمة‌ و اخترعوا ألة‌ العود في‌ زمن‌ الملك‌ شابور ذوالاكتاف‌ بحيث‌ فاق‌ استعمالها جميع‌ الا´لات‌ الموسيقية‌ الاخري‌' .
و من‌ الجدير بالذكر ان‌ الايرانيين‌ و بعد دخولهم‌ في‌ الدين‌ الاسلامي‌ برعوا في‌ النظم‌ و النشر في‌ الشعر العربي‌ اضافة‌ الي‌' نبوغهم‌ في‌ العلوم‌ الاخري‌' كعلم‌ التفسير و الفقه‌ و الحديث‌ و الكلام‌ ، و العرفان‌ و الفلسفة‌ ان‌ التنسيق‌ و الاشتراك‌ الموجود من‌ حيث‌ وحدة‌ العروض‌ و القافية‌ في‌ الشعرين‌ العربي‌ و الفارسي‌ و الموسيقي‌' الشعرية‌ فيها شجع‌ العلماء الايرانيون‌ علي‌' تدوين‌ قواعد البلاغة‌ و الفصاحة‌ في‌ اللغة‌ العربية‌ و التي‌ تعتبر من‌ الدلائل‌ علي‌' اعجاز كتاب‌ الله‌ و القرآن‌ كريم‌ و قد قاموا بادخال‌ العذوبة‌ و الجمال‌ الموجود في‌ الشعر الفارسي‌ و عمق‌ المعاني‌ و البيان‌ الي‌' الشعر و الادب‌ العربي‌ .و هذا الامر عزّز قوة‌ الشعر العربي‌ و اضاف‌ عليه‌ جمالا" آخر حيث‌ تميز الشعر العربي‌ بالمحدودية‌ في‌ وصف‌ الطبيعة‌ و الحيوانات‌ التي‌ تعيش‌ في‌ المجتمع‌ العربي‌ كالابل‌ و الانعام‌ . و كذلك‌ وصف‌ الحرارة‌ و البرودة‌ و الشمس‌ و النجوم‌ و الكواكب‌ ، وبيان‌ الغرائز الانسانية‌ .
ان‌ الموسيقي‌' العربية‌ و التي‌ دونت‌ في‌ العصر الاموي‌ و كتبت‌ قواعدها في‌ العهد العباسي‌ كانت‌ تمثل‌ شعاعا" من‌ اشعة‌ شمس‌ الادب‌ و الفن‌ الفارسي‌ في‌ العالم‌ الاسلامي‌ ،و من‌ المدن‌ التي‌ انتشر فيها المطربون‌ و الملحنون‌ الفرس‌ بعد الفتوحات‌ الاسلامية‌ مدينة‌ بغداد و دمشق‌ و المدينة‌ المنورة‌ ، وكانوا أساتذة‌ في‌ تخريج‌ دفعات‌ من‌ العازفين‌ العرب‌ و خصوصا" علي‌' آلة‌ العود . و كان‌ بعض‌ الايرانيين‌ يحترفون‌ العمل‌ الفني‌ فقاموا بنشر علم‌ الموسيقي‌' و اعداد المطربين‌ و العازفين‌ ، قاموا أيضا" بتخريج‌ مجموعة‌ من‌ شعراء البلاط‌ العباسي‌ و تركوا تأثيرهم‌ الواسع‌ علي‌' حاشية‌ الامراء و الاشراف‌ .
مشاهير المسلمين‌ و الايرانيين‌ في‌ فن‌ الموسيقي‌'
كتب‌ المؤرخ‌ ابوالفرج‌ الاصبهاني‌ في‌ كتابه‌ الاغاني‌ يقول‌ : كان‌ سعيد بن‌ مسجح‌ و هو عبد لبني‌ جمح‌ مغنيا" و كان‌ يسكن‌ مكة‌ المكرمة‌ ، و يعد من‌ اساتذة‌ الموسيقي‌' و متفوقا" علي‌' اقرانه‌ في‌ هذا المجال‌ ، و يعتبر كذلك‌ الرائد الاول‌ حيث‌ جمع‌ بين‌ نغمات‌ الموسيقي‌' الايرانية‌ و الالحان‌ و النغمات‌ العربية‌ ،و قد أسس‌ ابن‌ مسجح‌ اوّل‌ مدرسة‌ للموسيقي‌' في‌ المدينة‌ المنورة‌ .
و يمكننا ذكر ابن‌ محرز كاحد الموسيقيين‌ المسلمين‌ البارزين‌ و هو ابن‌ أحد السدنة‌ في‌ المدينة‌ المنورة‌ ، و تعلم‌ الموسيقي‌' عندما كان‌ في‌ المدينة‌ علي‌' يد (غرة‌ الميلاد ) و سافر بعد ذلك‌ الي‌' مكة‌ المكرمة‌ حيث‌ مكث‌ فيها ثلاثة‌ أشهر ، بعدها سافر الي‌' ايران‌ حيث‌ اتقن‌ اللغات‌ الايرانية‌ ، الفارسية‌ ، و الايرانية‌ القديمة‌ و نقل‌ الاصطلاحات‌ الموسيقية‌ الي‌' العربية‌ .
و يعتقد (ابن‌ خرداد به‌ ) أن‌ أوّل‌ من‌ قام‌ بتعليم‌ الموسيقي‌' و الالحان‌ في‌ العالم‌ الاسلامي‌ هو (سائب‌ خاثر ) و اما الموسيقار المسلم‌ المعروف‌ «ابوعبد النعيم‌ عيسي‌' بن‌ عبدالله‌ الذائب‌» (10-89 هـ ق‌ )فقد كان‌ ايراني‌ الاصل‌ ، و كان‌ يلقب‌ بـ « مناطويس‌ » اي‌ الطاووس‌ الصغير حيث‌ كان‌ من‌ الموالي‌ من‌ سكنة‌ المدينة‌ المنورة‌ و تابعا" و عبدا" لقبيلة‌ «بني‌ مخزوم‌ » و قد تحرر بعد ذلك‌ و ان‌ ابن‌ طويس‌ كان‌ قد تربي‌' في‌ عشيرة‌ والدة‌ الخليفة‌ عثمان‌ بن‌ عفان‌ ، و أحب‌ منذ طفولته‌ الالحان‌ الايرانية‌ بواسطة‌ احتكاكه‌ بالاسري‌' الايرانيين‌ الذي‌ كان‌ قد حكم‌ عليهم‌ بالاحكام‌ الشاقة‌ .ان‌ المؤرخين‌ العرب‌ يعتبرون‌ طويس‌ أول‌ من‌ وضع‌ آداب‌ الالحان‌ و الموسيقي‌' العربية‌ ، هذا و أُلِفت‌ في‌ مجال‌ الالحان‌ و الموسيقي‌' منذ القرن‌ الثاني‌ الهجري‌ كتب‌ و كرّاسات‌ من‌ قبل‌ علماء ايرانيين‌ و غير ايرانيين‌ ، و أول‌ من‌ كتب‌ في‌ ذلك‌ من‌ العلماء الايرانيين‌ هو العالم‌ المعروف‌ أبو علي‌ بن‌ سينا و سمّي‌ كتابه‌ " النجاة‌ " بعد ترجمته‌ علي‌' ايد أحد تلامذته‌ بـ «دانشنامه‌ علايي‌ » و التي‌ تعني‌ رسالة‌ علائي‌ العلمية‌ و ذكر صاحب‌ كتاب‌ " كنز التحف‌ " الذي‌ ترجم‌ في‌ منتصف‌ القرن‌ الثامن‌ الي‌' الفارسية‌ ؛ ان‌ الايرانيين‌ أول‌ قوم‌ قاموا بشرح‌ عمل‌ الا´لات‌ و الادوات‌ المستعملة‌ في‌ الموسيقي‌' بصورة‌ مفصّلة‌ .
و أما اشهر علماء الموسيقي‌' الايرانيين‌ فهو ابونصر الفارابي‌ المتولد عام‌ 260 هـ في‌ مدينة‌ فاراب‌ احدي‌' مدن‌ محافظة‌ خراسان‌ ، و قد قضي‌' ايام‌ دراسته‌ بين‌ بغداد و حران‌ .يعتبر الفارابي‌ ابرز الموسيقيين‌ علي‌ آلة‌ العود و كان‌ ملمّا" بجميع‌ الالحان‌ .هذا و دعاه‌ الامير سيف‌ الدولة‌ الهمداني‌ الذي‌ كان‌ محبا" للفن‌ و العلم‌ الي‌' المجي‌ء لمدينة‌ حلب‌ حيث‌ كان‌ يتتلمذ علي‌' يديه‌ عددا" من‌ التلاميذ بعد ان‌ ذاع‌ صيته‌ في‌ البلاد الاسلامية‌ و اشتهر الفارابي‌ في‌ فترة‌ أواخر العهد العباسي‌ و في‌ فترة‌ ضعفهم‌ و خورهم‌ بالضبط‌ .
ان‌ العهد العباسي‌ ورث‌ حضارات‌ لامعة‌ ،و بضعف‌ الدولة‌ العباسية‌ ضعف‌ هذا التأثير و ظهر تأثيره‌ أيضا" علي‌' الموسيقي‌' كأحد المظاهر الحضارية‌ في‌ تلك‌ الفترة‌ .
هذا و كان‌ زمن‌ ظهور الفارابي‌ في‌ فترة‌ أفلت‌ فيه‌ الموسيقي‌' وضعفت‌ ، و لم‌ يبق‌ من‌ الا´لات‌ الموسيقية‌ الا القليل‌ لان‌ الاسلام‌ لم‌ يول‌ اِهتماما" بالموسيقي‌' .
نحن‌ لا نملك‌ شيئا" مكتوبا" عن‌ الموسيقي‌' العملية‌ في‌ زمن‌ الفارابي‌ و الذي‌ نستطيع‌ علي‌' أساسه‌ ان‌ نقوّم‌ المستوي‌' الموسيقي‌' في‌ ذلك‌ الزمان‌ . ولكننا من‌ خلال‌ انتشار بعض‌ الالحان‌ و انواع‌ الموسيقي‌' المحلية‌ في‌ ذلك‌ الزمان‌ و التي‌ كانت‌ تعزف‌ و تقرأ لرفع‌ الملل‌ عن‌ الناس‌ في‌ المناسبات‌ الخاصة‌ و محل‌ نزول‌ القوافل‌، نستطيع‌ ان‌ نخرج‌ بنتيجة‌ هي‌ أنه‌ كان‌ هناك‌ استخداما" للا´لات‌ الموسيقية‌ البسيطة‌ التي‌ تضرب‌ بذوق‌ و مهارة‌ رفيعين‌ و اعتمادا" علي‌' قواعد واسس‌ الموسيقي‌' الايرانية‌ القديمة‌ و التي‌ كانت‌ تعرف‌ سابقا" باسم‌ " الطرائف‌ " و " الرواسين‌ " و هي‌ الطريقة‌ القديمة‌ المنتشرة‌ في‌ منطقة‌ خراسان‌ .
ان‌ المهارة‌ في‌ الضرب‌ علي‌' الا´لات‌ الموسيقية‌ لا يمكن‌ تقليدها من‌ خلال‌ الاصوات‌ و الالفاظ‌ و بهذه‌ السهولة‌ حيث‌ ان‌ الضرب‌ علي‌' الا´لات‌ الموسيقية‌ يخلق‌ احساس‌ خاص‌ و خيال‌ لدي‌' المستمع‌ ، وقد قام‌ ابونصر الفارابي‌ بتقسيمه‌ الي‌' نوعين‌ من‌ الموسيقي‌' ، و انواع‌ الموسيقي‌' هذه‌ يمكن‌ الحصول‌ علي‌' نماذج‌ لها في‌ كتب‌ اسحاق‌ الموصلي‌ .
ان‌ المستشرفين‌ يعتقدون‌ أن‌ أسس‌ نظريات‌ الفارابي‌ في‌ الموسيقي‌ أخذها من‌ اليونان‌ و لكنه‌ صبّها في‌ قوالب‌ جديدة‌ و كان‌ متقدما" في‌ هذا علي‌' الا´خرين‌ و متميزا" عليهم‌ . و له‌ في‌ مجال‌ الموسيقي‌' طريقة‌ مستقلة‌ منفردة‌به‌ .
ان‌ قابلية‌ الفارابي‌ علي‌' الجمع‌ بين‌ المسائل‌ العلمية‌ و التعمق‌ فيها و الغوص‌ في‌ الافكار الفلسفية‌ اضافة‌ الي‌' تجاربه‌ العملية‌ و براعته‌ في‌ الموسيقي‌' قد ساعدته‌ كثيرا" في‌ تأليف‌ كتاب‌ قيم‌ مختص‌ بالموسيقي‌' خلال‌ تلك‌ الفترة‌ العصيبة‌ (فترة‌ القرون‌ الوسطي‌' ) هذا و من‌ أشهر كتبه‌ في‌ الموسيقي‌' : كتاب‌ الموسيقي‌' الكبير، كلام‌ في‌ الموسيقي‌' ،احصاء الايقاع‌ ،كتاب‌ في‌ النقرة‌ ، كتاب‌ الايقاع‌ . و اما كتابه‌ الاخير فهو يحمل‌ اسم‌ (احصاء العلوم‌ ) يتناول‌ فيه‌ الموسيقي‌' خلال‌ القرون‌ الوسطي‌' و قد ترجم‌ الي‌' اللغتيين‌ العربية‌ و الانجليزية‌ .

من موقع:


http://www.e-resaneh.com/articlefiles/tarikh%20mosighi.htm


مرکز گردشگری علمی-فرهنگی دانشجویان ایران
Copyright ©2018 istta.ir All rights reserved. Powered & Designed by WebTakin.ir , Graphic by Yousefi
logo-samandehi